ألوان تصميم الشعار لا تأتي اعتباطًا، لا يتم استخدامها بالمصادفة، ولا نستبعد لونًا ونأخذ آخر بناءً على المزاج العام للمصمم أو صاحب البيزنس، الأمر مختلف كليًا عن التلوين في فصل الرسم في المرحلة الابتدائية، -وحتى ذلك ليس اعتباطًا بالكامل أيضًا- ولكن المقصد أن ألوان الشعارات تأتي بعد دراسة وتحليل وفهم عميق، وأن تفضيل لون عن الآخر يحدده محددات كثيرة، وفي النهاية، تأتي اللمسة الإبداعية وتوظيف هذه الألوان لإنتاج عملاً فنيًا فريدًا، يكون بمثابة واجهة للعلامة التجارية، وبوابتها لقلوب وعقول الجمهور المستهدف، وتستولي على اهتمام العملاء، والآن دعونا نتحدث بشكل موسع حول أهمية الألوان في تصميم الشعار، ولماذا أصبحت هذه الألوان عنصرًا أساسيًا في الشعار، إذ استخدام هذا اللون جيد واحترافي، بينما استخدام هذا اللون، ينم عن عدم احترافية؟ هذا ما سنعرفه في السطور التالية.

ألوان تصميم الشعار وعلاقتها بعلم النفس

كثيرًا ما نسمع أن الألوان لها تأثيرات متباينة على مشاعرنا وتصرفاتنا، ومن شأنها أن تؤثر على مزاجنا وتفاعلنا مع من حولنا، فنقول أن اللون الأصفر يُشعر بالبهجة، وهذا لأن اللون الأصفر له علاقة بالشمس، والتي تعتبر مصدر السطوع والدفء، أما الأخضر فهو باعث على الهدوء لأنه بلون الطبيعة والنباتات والعشب، ولكن هل هذه الإيحاءات التي تبعثها الألوان في نفوسنا إلزامية؟ وهل لها فائدة في عملية التسويق والتصميم؟ أما أنها خرافة؟

تشير الأبحاث إلى أن الألوان بالفعل لها تأثير على سلوك المستهلكين، ليس بشكل كلي، أي أنها ليست العامل المسؤول الوحيد عن اتخاذ قرار الشراء أم لا، ولكنها أحد أهم هذه العوامل، والتي لا غنى عنها، لذلك سنبحث في السطور التالية علاقة كل لون بسلوك المستهلكين، وما هي الرسائل التي يبعثها كل لون من هذه الألوان.

الأحمر

هل تفكر الآن في شعار CNN، أم Netflix أم خطر في ذهنك شعار Coca-Cola؟ هذه فعلا شعارات عالقة في الذهن رغم بساطتها وعدم وجود تعقيد، قد تتذكرها عن شعار CNBS المعبأ بالألوان، الأحمر عادة يدل على الإثارة، ألا ترى أن هذه العلامات التجارية السابق ذكرها تقدم الإثارة باختلاف مفاهيمها، سواء كانت شبكة بث تدفقي تعدك بالإثارة في أفلامها ومسلسلاتها، أو قناة إخبارية تعدك بأن تكون على مستوى توقعاتك في نقل الحقائق المثيرة وكواليس السياسة وأخبار العالم، أو مشروب غازي أحدث نقلة في مجال المشروبات، بالإضافة للإثارة تأتي العاطفة المرتبطة بشكل القلب أو بالورد الأحمر، وكذلك بالغضب، ولأنك يمكن أن تشعر بالعاطفة والغضب أيضًا، لذلك فإن الأحمر من أهم رسائله هو الإثارة، العاطفة، الغضب.

يعتقد العلماء أن أول لون يميزه الأطفال بعد الأبيض والأسود هو الأحمر، والسبب وراء ذلك أن أسلافنا القدماء استطاعوا تطوير مهارة تمييز هذا اللون لتسهيل رؤية الثمار الناضج على الأشجار أثناء رحلات الصيد المضنية، وبناءً عليه جاءت الشهوات مرتبطة باللون الأحمر، فلا دهشة أن تجد معظم المطاعم خاصة الوجبات السريعة تتخذ من الأحمر أحد ألوان شعاراتها الأساسية (كم مطعم قفز في ذهنك الآن؟).. شكرًا لك.

البرتقالي

بالطبع سمعت التساؤل العبثي إن كان الأسبق هو ثمار البرتقال أم اللون البرتقالي، يلي البرتقالي اللون الأحمر مباشرة في تصميم الشعار، لأنه يسهل تمييزه في الزحام، لاحظ أن العديد من الدول تستخدم لافتات برتقالية مضيئة للتنبيه في محطات الحافلات وقطارات الأنفاق، ليسهل تمييزها، ولأنه يسهل تمييزه في الزحام فهو موجه أيضًا للفئة الأكبر من المستهلكين، لأنه لون جماهيري، فإن كانت علامتك التجارية تتميز بالفخامة أو الرفاهية، وتستهدف الطبقة A أو الفئة العليا فقط، فإنه لن يكون مناسبًا.

البرتقالي هو لون الانتعاش، لون النضارة، البرتقالي يدل على الربيع، أي يدل على الازدهار ويميل للمرح أيضًا.

الأصفر

يوحي اللون الأصفر في تصميم الشعار رسالة المودة التي تبعثها العلامة التجارية، جسر تشيده بينها وبين العميل، أساسه الطاقة والتجدد، نعم الطاقة والتجدد تحديدًا، الشمس تشرق كل يوم ما يعني التجدد، نأخذ منها الطاقة والدفء، الطاقة (فيتامين د) والطاقة الشمسية، والكهرباء، ومن خلال الشمس تسير حياتنا، ولأنها قديمة فهي تعكس الإيحاء بالنضج أيضًا، فيمكن أن تستخدمها العلامات التجارية العريقة أو ذات الفخامة.

اللون الأصفر موجود في حياتنا بأفضل صورة بجميع درجاته، فهو في سنابل القمح حيث الغذاء واستمرار الحياة، وموجود في الذرة حيث الصحة والحيوية، وكلما ازداد كثافة فمال إلى الذهبي فإنه يعكس الرفاهية المرتبطة بمعدن الذهب النفيس.

الأخضر

يعتمد الأخضر على الارتباط الثقافي، حسب أهمية اللون في ثقافة الجمهور المستهدف، لكن بشكل عالمي فإن اللون الأخضر في تصميم الشعارات خاصة مع الاهتمام الكبير الحالي بقضايا البيئة والاحترار العالمي، فإن العلامات التجارية التي تعتبر صديقة للبيئة هي من تتخذ من الأخضر لونًا أساسيًا في شعاراتها، لأنه لون الخضرة والنباتات والعشب، وهو يدل على النقاهة والحيوية.

لكن.. فيما يختص بمسألة الثقافات التي ذكرناها بالأعلى فإن الأخضر يدل على الثراء الفاحش في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، لأنه اللون المميز لعملة الدولار، العملة الأهم والأكثر ثقلاً في العالم، كما أنه مرتبطًا في بعض الثقافات بالموت لأنه له علاقة بطلاء الزرنيخ السام والذي له قصص مشابهة في التسبب في موت البعض (يضيق المقام بذكر هذه القصص الآن).

دلالة الأزرق بين ألوان تصميم الشعارات

الأزرق له إيحاءات عدة، فكونه مرتبط بلون السماء (أو هكذا نرى لون السماء) وكذلك لون البحار والمحيطات. فهو اللون الدال على الارتقاء. من ثم فهو يدل على الثقة والجدارة. كما يدل على النضج أيضًا (سمو وارتفاع). بالإضافة لدلالته الكلاسيكية ولمسته التي ميزت لوحات عصر النهضة. لكنه رغم ذلك يبعث على الهدوء والاسترخاء، ويرتبط بالصفاء التام.

باستثناء المطاعم.. فإن اللون الأزرق هو لون الثقة والجدارة والكلاسيكية. هو مضاد للطاقة والتجدد والمرح والانطلاق المصاحب للألوان الصارخة الأخرى. لذلك فهو مناسب للأماكن التي تود أن تظهر عريقة.

الأسود

عنوان الفخامة الأسود، نعم إنه كذلك، إن كنت تستهدف الفئات الاقتصادية. وتقدم أسعارًا تستهدف الجمهور الأكبر، فإن الأسود لن يفيدك. سيبتعد عنك جمهورك المستهدف. لكن إن أردت أن تستهدف الطبقة A فالأسود سيكون هو مسعفك.

الأسود على العكس تمامًا من ألوان مثل الأرجواني أو البرتقالي، الأسود تعبير عن الظلام، والنور لدى المستهلك هو أن يعرف كما سيدفع. أما الظلام هو أن يتكبد تكلفة لا يستطيع تحملها، ما يعني.. أنك يجب أن تبتعد عن الأسود طالما تستهدف فئات اقتصادية. أما الفخامة والرفاهية والعملاء المستعدين لدفع الآلاف، فإن الأسود ستكون بغيتك.

الأبيض

الأبيض هو اللون المحايد، في تصميم الشعارات الأمر يختلف قليلا. فهو يعكس هذا الحياد ولكن بطريقة أخرى، فهو يدل على النظافة، الشفافية، الخفة، الأبيض يعني الطفولة أحيانًا. هو ضد النضج، بل قد يميل إلى الاكتشاف، النشاط التجاري الحذر. والذي لديه جرأة الأطفال أيضًا أحيانًا، إنه النقاء في صورته الأولية.

كنا معًا في عرض سريع لأهمية ألوان تصميم الشعار وتأثيرها النفسي، وللمزيد يمكنك الآن الحديث بشكل موسع عن تصميم شعارك، لا تتردد في التواصل مع اوكودا، ودعنا نتناقش في تصميم شعارك.